المشاركات

عرض المشاركات من يناير, ٢٠١٨

الباب المفتوح

صورة
     تفر البنايات من خلف نافذة العربة وتهرول إلى العَدَم. تستلقي رأسي على الوسادة وسط ضوضاء مغلف بالهدوء. تتسابق الأفكار والذكريات على المرور أمام عيني فيتغير شعوري بين ذكرى وأخرى. يبكي قلبي لقسوة زوجي السابق ثم يضحك لضحكة رضيعي، وبينهما أتأرجح بين الجحود والرحمة. لم أستطع ترك الأفكار مع رضيعي ومُربيته في البيت ويبدو أنها التصقت بي أينما ذهبت، والسكون على بالي مُحرّم. رأيتُ في زيارة قبر أمي فكرة جيدة، حيث اعتزال الحياة والناس بظنونهم وثرثرتهم. فالمدافن قطعة من السماء. يرقدون في هدوء مطبق فلا يبلغ الأحياء صراخ مُعذّب أو نعيم مُنعَم. نزلتُ مع أختي يدًا بيدٍ من العربة أمام بوابة مدافن العائلة، وعند العتبة استوقفتني الحياة ! سألتني: هل أنتِ حيّة أم ميّتة؟ شهقتُ وأجبتُ بلا تفكير : حية ! تبعتُ أختي التي كانت تحفظ المكان جيدًا. كان خاويًا إلا من شواهد القبور، صامتًا إلا من صفير الهواء. وقفنا أمام قبر بلا شاهد. صفّقت أختي بيديها وانتظرنا. تأملتُ كآبة المكان وسمعتُ صراخًا بعيدًا ممزوجًا ببكاء رضيعي فعادت نفسي إليه واشتاق صدري لضمته، ورأيتُ يومًا كان يجمعني به وأبيه ثم يومً

لستُ نبيًا - مُقتطَف

صورة
لستُ نبيًا لست نبيا - سوق جوميا

الباب المُغلَق

صورة
  الباب المغلق قصة قصيرة من كتابي   لستُ نبيًا هل عليّ أن أخبركم بالسر الذي يكتمه صدري خلف الجلباب؟ لا والله! لقد حفظتُ العهد حتى لا يتسخ بألسنة البشر. الذنبُ ذنبُكم ، فما وجدتُ فيكم حافظًا لحُرمة الأسرار ولا مُدركًا لطِيب النوايا. فتصطنعون ملامح المحبة بينما تصرخ بواطنكم باللعن والسُباب! أعرف قصة كل واحدٍ منكم رغم امساكي عن محادثتكم، ولكن شذرات النميمة تخترق الجدران والنوافذ وإن كانت مغلقة. ما لكم تصنعون مُخبرًا ليراقب شيخًا يقل عُمره عن عُمر هذه البناية العتيقة بسنواتٍ معدودة، ويتأذى من روائحكم وصوت خطواتكم ونباح ضحكاتكم. ألهذا الحد تُزعجكم العزلة كما يُزعجكم الضجيج؟ أم أن عيونكم المتطفلة لا تتمالك نفسها من الفضول على باب شقتي البائسة صعودًا وهبوطًا من الدَرَج؟  تكاد تخترق الخشب لتفتك سَتر العجوز الذي لا يتسرب من بابه صوتٌ، ولا يغادره إلا لشراء كسرات الخبز. لِمَ تغتابون رجلًا بالتُهم وكأنه يحتال عليكم بِصَمتِه؟! شحاذ؟ مخبول؟ هارب؟ وفي النهاية لص! إذ يصرخ أحدُكُم ذات ليلة ويرثي أمواله وذَهَب امرأته، فتجمعون شكوكم أمام بابي وتدسّونها دسًّا لتتسلل عبر ثقوبه

الحجر

صورة
            يقف صبيٌ منتصبًا أعلى حجر كبير مربوط بحبل مجدول في سور جسر يصل بين يابسين، يرقد النهر أسفله وبالكاد يتموّج لأنسام المساء الصيفي . تبدو البنايات على الجانبين حول برج القاهرة شاهقة تعانق السماء، ومصابيحها الملونة تراقب الصبي الذي يعتلي سور الجسر ويهتز مع هزاته عندما تتزاحم العجلات على طوله وتتثاقل كوحوش تنقض على الأسفلت فتأكله ركضًا وتخلفه ميتًا. يلمع القمر في عينيه اللتين تغوصان في نهر آخر من الحزن المكتوم وكأن زمن عمره القصير يحيك أسفل عينيه همًّا فوق هم فتراكم السواد، ويداعب الهواء شعره فيتطاير مع أطراف ملابسة الرثة. يجول الأسى بين ملامحه فيفشي أسرار تشرده وشقاءه. تنكمش أصابع قدميه تَشبُثًا بالحجر ويشهر بين كفيه لافتةً قد نُقشت عليها كلمة واحدة . يرمقه المارة بنظرات الدهشة ، تنهشه استياءً واستنكارًا كأنهم يراقبون بقايا بشري مسته ضروبٌ من الجنون ! " انزل يا ولد ستسقط " يقولها أحد السائقين ثم تسرع مركبته في طريقها تدهس الأسفلت فتصدر صريرًا عاليًا يختلط بإيقاع موسيقى صاخبة وأغان شعبية تنبعث من باخرة شقت النيل في نزهةٍ مزعجة. تلونت المياه حولها بألوان أ

الطريق

صورة
قد يضيع العمر كله في اكتشاف الطريق حتى يتقاطع في مفترقٍ ما مع عدة ممرات أيهم ستختار؟ كم عام يلزمك للإجابة والقرار ! وقد يكون مُظلمًا في سرداب تحت  الأنقاض، وتكون مُصابًا بفوبيا العتمة! وقد تضله فتسأل المارة، فيصفون لك سبيلاً يقودك لبئرٍ جاف عميق مُظلم، تمكث فيه ليل نهار بلا تمييز بينهما، مُنشغلًا عن الخروج منه بطوفان الاسئلة، لماذا؟ لماذا؟ لماذا؟ هدير زهدي